نــظـــريات الاتـصـال والإعـــلام (الجزء الثاني)
نــظـــريات الاتـصـال والإعـــلام (الجزء الثاني)
2- نظرية الشبكة الفاعلة:
ترى النظرية على أن التكنولوجيا والمجتمع يشكلان معا وحدة واحدة أو شبكة تكنولوجية اجتماعية متجانسة، وتضم هذه الشبكة العناصر البشرية والاجتماعية والتكنولوجية معا، وبالتحديد تتكون الشبكة من الهيئات الحكومية، والمؤسسات المختلفة، والجماعات الاجتماعية، والأفراد والتشريعات، والأنترنت، وبرامج الحساب الآلي، وغيرها من المكونات التكنولوجية التي تتفاعل مع العناصر الاجتماعية، ويتحقق التفاعل نتيجة التجاوب المشترك بينهما.
ويبدو أن العنصر المقبول في نظرية الشبكة الاجتماعية هو التفاعل بين المتغيرين موضع النقاش: التكنولوجيا والمجتمع.
لكن تكمن الإشكالية هي في إمكانية تصور وجود شبكة واحدة تجمع المادي والإنساني، وكأنهما عناصر متجانسة في بناء واحد، فعلى الرغم من معالجة نظرية الشبكة الفاعلة أو الممثلة لسلبيات الاتجاهات السابقة، وتأكيدها ضرورة أخذ التفاعل بين الطرفين في الاعتبار، إلا أنها لم تنجح في تفسير الطريقة التي يؤثر بها المجتمع في التطور التكنولوجي أو العكس. (المزاهرة - 2014 - 83).
3- نظرية انتشار المبتكرات
نشأة وظهور النظرية:
ظهرة هذه النظرية خلال السنوات الأخيرة من الخمسينيات والستينيات متأثرة بنظرية تدفق المعلومات على مرحلتين.
وتعود أصول نظرية انتشار المبتكرات الى دراسات متفرقة قام بها الباحثون الاجتماعيون في عدة ميادين مثل : الأنثروبولوجيا والتربية والزراعة لمعرفة كيفية تبني المزارعين الأفكار الجديدة المتعمقة بأساليب الزراعة الحديثة، كما اهتم بها أيضا الباحثون في مجال التربية من خلال محاولة نشر طرق التدريس الجديدة أو فكرة تنظيم الأسر أو اقتناء الأجهزة واستخدامها وغيرها من المجالات المختلفة لمعرفة اثارها في النظام الاجتماعي القائم.
وتركز هذه النظرية على نشر المعلومات المتعلقة بالمبتكرات والتجديد بين أفراد المجتمع أو قطاع منه بهدف تحقيق التنمية، وهو في الأخير )التغيير( يعتبر الهدف النهائي لها، لهذا قام روجرز وشوميكر بالمراجعة والتدقيق في أكثر من 5000 أمر برقية متعلقة بانتشار كل ما هو من المبتكرات الجديدة في مجال الاجتماع الريفي والأنثروبولوجيا بهدف التعرف على اليات تبني الأفكار والمستحدثات من قبل الجمهور ليؤكد في الأخير من خلال نموذجهما دور البيئة الاجتماعية في التأثير على سريان الاعلام والاتصال بشكل انتقالي يظل خاضعا للفئات الاجتماعية التي ينتمي اليها، ذلك أن الفرد يتحرك في اطارها بما في ذلك دور قادة الرأي في تمرير المعلومات و التي يشتقونها من المصادر الإعلامية الى غيرهم من يتعرضوا للإعلام بشكل كاف.
والابتكار وفق هذه النظرية هو أي فكرة جديدة او أسلوب او نمط جديد يتم استخدامه في الحياة كفكرة تنظيم الاسرة او ادخال أساليب جديدة في الزراعة او استحداث وسيلة اتصالية او غير ذلك يعتبر ابتكارا.
نموذج "روجرز وشوميكر"لانتشار المبتكرات:
وصف روجرز وزميله عناصر عملية تدفق المعلومات الخاصة بانتشار المبتكرات بالاقتباس من نموذج " ديفيد بيرلو" كما يلي:
- المصدر: المخترعون والعلماء وعوامل التغيير الاجتماعي وقادة الرأي.
- الرسالة: الابتكار الجديد.
- الوسيلة: قنوات وسائل الاعلام وقنوات الاتصال الشخصي.
- المستقبل: أعضاء الجمهور في النظام الاجتماعي.
- الأثر: تغيير في الأفكار والاتجاهات والسلوك.
فرضيات النظرية:
تقوم هذه النظرية على افتراض أن قنوات وسائل الاعلام تكون أكثر فعالية في زيادة المعرفة حول المبتكرات حيث تكون قنوات الاتصال الشخصي أكثر فعالية في تشكيل المواقف حول المبتكرات الجديدة.
يقترب مدخل انتشار المبتكرات من افتراض ان الرسائل الإعلامية تصل الى الجمهور عن طريق افراد يتميزون عن سواهم بأنهم أكثر اتصالا ونشاطا في تعاملهم مع وسائل الاتصال الجماهيري ويطلق عليهم قادة الرأي.
دور قادة الرأي حسب روجرز:
- يتعرض قادة الرأي لوسائل الاعلام أكثر من اتباعهم فيم حريصون عمى مطالعة الصحف ومتابعة البرامج الاذاعية والتلفزيونية المتعلقة باختصاصهم.
- قادة الرأي أكثر انفتاحا على العالم وأكثر تقبلا للأفكار الجديدة والتغيير من غيرهم.
- قادة الرأي لديهم اتصال أكثر من اتباعهم مع وكلاء التغيير من مسؤولين عن برامج التغيير والجهات الرسمية.
- يتميز قادة الرأي بمراكز اجتماعية أفضل من غيرهم نتيجة موقعهم العلمي والاجتماعي والاقتصادي مما يعزز موقع تأثيرهم على اتباعهم وحتى المسؤولين عن برامج التغيير.
- قادة الرأي أكثر مشاركة اجتماعية من اتباعهم سواء في المناسبات الاجتماعية او القضايا الاجتماعية ذات الاهتمام الأكبر.
- قادة الرأي لديهم القدرة على توليد الأفكار والمبتكرات الجديدة وكذا إيجاد الحلول إذا كان النظام الاجتماعي يحبذ التغيير، لكن إذا كانت معايير المجتمع تقليدية فإن قادة الرأي يكونون أقل ابتكارية، ويلتزمون بتوجيهات نظامهم الاجتماعي.
مراحل تبني الأفكار والأساليب المستحدثة:
عرف روجرز عملية تبني الأفكار الجديدة والمستحدثة بوجه عام انها" العملية العقلية التي يمر خلالها الفرد من وقت سماعه او علمه بالفكرة او الابتكار حتى ينتهي به الامر الى ان يتبناها " وتمر هذه العملية بخمس مراحل وهي:
أ- مرحلة الوعي بالفكرة: وفي هذه المرحلة يسمع الفرد او يعلم بالفكرة الجديدة لأول مرة، ولا يمكن الجزم ان كان هذا الوعي عفويا او مقصودا، ويتفق العلماء على أن أهمية هذه المرحلة تتركز في كونها مفتاح الطريق الى سلسلة المراحل التالية في عملية التبني.
ب - مرحمة الاهتمام: تتولد في هذه المرحلة رغبة لدى الفرد في التعرف على واقع الفكرة وجمع المزيد من المعلومات عنها ليصبح الفرد أكثر ارتباطا من الناحية النفسية بالفكرة والابتكار لهذا يصبح سلوكه هادف بشكل كبير.
ج - مرحلة التقييم: في هذه المرحلة يجري الفرد عملية موازنة ومطابقة بين ما جمعه من معلومات عن الفكرة المبتكرة في ضوء موقفه وسلوكه والاحوال السائدة في الحاضر وما يتوقعه مستقبلا لينتهي به الامر الى اتخاذ قرار يرفض الفكرة او اخضاعها للتجريب العملي.
د - مرحلة التجريب:
وفيها يستخدم الفرد المستحدثة على نطاق ضيق على سبيل التجربة كي يحدد فائدتها وفق ظروف خاصة، فإذا اقتنع بفائدتها فإنه يقرر تبنيها وتطبيقها على نطاق أوسع أو العكس في حالة عدم جدواها.
ه - مرحلة التبني: تتميز هذه المرحلة بالثبات النسبي، فالفرد قد انتهى الى قرار تبني الفكرة المستحدثة بعد إقناعه بجدواها، غير أنه يجب تذكر أنه في بعض الحالات قد يتملص الفرد من التنفيذ تاركا الفكرة المستحدثة لأسباب عديدة.
إيجابيات النظرية:
ساهمت هذه النظرية في وصف كيفية انتشار الأفكار المستحدثة وتغيير الأساليب والدوافع التي تقود الأفراد الى الإقناع وتبني المبتكرات.
أما في مجال الإعلام والاتصال فساهمت في معرفة كيفية تبني الأفراد لوسيلة من وسائل الاتصال الجديدة دون غيرها كالفضائيات أو شبكة الأنترنت في ضوء مراحل التبني السابقة.
الانتقادات الموجهة لنظرية انتشار المبتكرات:
لقيت نظرية انتشار المبتكرات شيوعا وانتشارا في بداية الستينات خاصة في دول العالم الثالث، غير أنها واجهت فيما بعد في السبعينات جملة من الانتقادات هي:
- إن تطبيق هذه النظرية والعمل بها في دول العالم الثالث أدى الى اتساع فجوة المعلومات وازدياد الفروقات الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع لأن الفئات المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا تشجع أكثر من غيرها على التجديد وممارسة الاقبال على تملي المعلومات أكثر من غيرها من الفئات الفقيرة.
- دعم اتفاق الباحثين والدارسين لهذا الانتشار على تعريف محدد للتنمية.
- إيمان الباحثين وعلى رأسهم روجرز بقوة تأثير وسائل الاتصال على قادة الرأي، أي أن هذه النظرية أخذت مبدأ سريان المعلومات في اتجاه واحد أي من الحكومة ومراكز التنمية الى الجمهور المتلقي.
- الارتباط الكبير لنموذج انتشار المبتكرات بنظريات النظم للإعلام لقناعتها بأهمية الإعلام وقوته وبذريعة التنمية وخدمة برامجها تسعى السلطات الحاكمة الى خلق رأي عام واقناع الجماهير بأفكارها والعمل بها وفق ما جاءت به أفكار النظرية وانتشار المبتكرات. (خليصه – 2014-2015-26-30).